لباس الحج التمتع ويكيبيديا
لباس الحج للمتمتع: رمزيته وأحكامه وأهم ملاحظاته
يُعدّ لباس الإحرام من أبرز الشعائر الظاهرة في موسم الحج، وهو زيّ موحد يميز الحاجّ ويجعله يدخل في حالة من الخشوع والتجرد والتواضع. وتحديدًا للمتمتع، وهو من أنواع النسك الثلاثة، فإن لباس الإحرام له طبيعة خاصة في مرحلتين: عند أداء العمرة، ثم عند البدء بمناسك الحج في يوم التروية.
في هذا المقال نتناول لباس الحج للمتمتع، من حيث رمزيته، وأهميته، وطريقة لبسه، وأحكامه، وبعض الملاحظات الهامة المتعلقة به.
أولًا من هو الحاج المتمتع؟
قبل الخوض في تفصيل لباس الإحرام، لا بد من التعريف بالحاج المتمتع:
المتمتع هو من يحرم بالعمرة في أشهر الحج (شوال، ذو القعدة، وأيام من ذو الحجة)، ويؤدي العمرة أولًا، ثم يتحلل منها، ثم يحرم مرة أخرى بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة.
هذا النوع من النسك يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد، ولهذا سُمّي بـ"المتمتع"، لأنه يتمتع بالتحلل من الإحرام بين العمرة والحج.
ثانيًا أهمية لباس الإحرام
1. رمز للتواضع والمساواة
يرتدي الحجاج لباسًا بسيطًا خاليًا من الزينة، لا يُظهر غنىً ولا فقرًا، ولا مكانة اجتماعية أو وظيفية. فالناس جميعًا في هذا الزي يقفون سواسية، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم لآدم، وآدم من تراب".
2. تحقيق الإخلاص لله
لباس الإحرام يذكّر المسلم بأنه قد تجرد من الدنيا ومتاعها وزينتها، مقبلًا على عبادة خالصة لوجه الله، متواضعًا في الهيئة واللباس.
3. إشعار الحاج بالنية والعبادة
بمجرد ارتداء الإحرام والدخول في النسك، يشعر الحاج بدخوله في عبادة عظيمة ذات شعائر وأعمال، فيستشعر هيبة العبادة، ويضبط سلوكه وكلماته.
ثالثًا وصف لباس الإحرام
1. للرجال
رداء: يغطي الجزء العلوي من الجسد، ويُلف حول الكتف والصدر.
إزار: يُلف حول الخصر ليغطي الجزء السفلي من الجسد.
يُمنع لبس أي شيء مخيط كالقمصان أو السراويل أو الجوارب أو العمائم أو الأحذية المغلقة.
2. للنساء
لا تلبس النساء زيًا خاصًا يسمى "إحرامًا"، بل تلبس ما شاءت من اللباس الساتر المحتشم غير الملفت، على أن تتجنب النقاب والقفازين.
تُغطّي جسدها بالكامل مع كشف الوجه أثناء الإحرام، وتغطيه إن خشيت الفتنة بغير النقاب.
رابعًا مراحل لباس الإحرام للمتمتع
1. الإحرام من الميقات للعمرة
عند بلوغ الميقات (ذو الحليفة، الجحفة، يلملم، قرن المنازل، ذات عرق...)، يغتسل المتمتع، ويتطيب، ثم يلبس لباس الإحرام ويُحرم بالعمرة.
يدخل مكة ويؤدي طواف العمرة وسعيها، ثم يحلق أو يقصّر ويتحلل من الإحرام.
2. التحلل بين العمرة والحج
بعد السعي، يخلع المتمتع لباس الإحرام، ويعود إلى ملابسه العادية.
هذا التحلل يُعرف بـ"التمتع"، أي الاستراحة من الإحرام حتى يوم التروية (8 ذو الحجة).
3. الإحرام مرة أخرى للحج
في اليوم الثامن من ذو الحجة، يغتسل المتمتع ويعود إلى ارتداء لباس الإحرام من مكانه بمكة (وليس من الميقات مرة أخرى).
يُحرم بالحج قائلاً: "لبيك حجًا"، ثم يتوجه إلى منى لإكمال المناسك.
خامسًا: ملاحظات هامة حول لباس الإحرام للمتمتع
1. عدم استمرار ارتداء الإحرام بين العمرة والحج
من الخطأ أن يظل المتمتع مرتديًا للإحرام من العمرة حتى الحج.
التحلل بين النسكين سنة مؤكدة، وهو من خصائص التمتع.
2. مستحب لا واجب
من المستحب أن يغتسل المتمتع قبل الإحرام بالحج كما فعل قبل العمرة.
يُفضل أن يرتدي نفس لباس الإحرام السابق إن كان نظيفًا، أو غيره من الرداء والإزار.
3. الطهارة والتنظف
يُستحب للمحرم أن يكون نظيف الهيئة، طيب الرائحة قبل الإحرام (قبل النية فقط).
بعد الإحرام، يُمنع التطيب ولبس المخيط، ويجب الالتزام بمحظورات الإحرام.
4. النية هي الفاصل
لا يُعتبر الشخص محرمًا إلا بعد نية الدخول في النسك (العمرة أو الحج).
ارتداء اللباس وحده لا يوجب الإحرام إلا بعد النية والقول: "لبيك عمرة" أو "لبيك حجًا".
سادسًا: محظورات الإحرام بعد لبسه
يجب على المتمتع، بعد لبس الإحرام والنية، أن يلتزم بمحظورات الإحرام، ومنها:
قص الشعر أو الأظافر.
التطيب أو استعمال العطور.
الجماع ومقدماته.
لبس المخيط (للرجال).
تغطية الرأس (للرجال) والوجه (للمرأة إذا لم تخشَ الفتنة).
قتل الصيد البري أو الإعانة عليه.
سابعًا: الحكمة من خلع الإحرام وإعادة لبسه
من المهم أن يدرك الحاج أن التحلل من الإحرام بين العمرة والحج فيه تخفيف ورحمة، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به أصحابه، فقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة".
فالحكمة من ذلك:
التخفيف عن النفس والبدن من طول الإحرام.
التمتع بأيام مكة دون مشقة الإحرام.
التهيؤ النفسي والبدني لبداية مناسك الحج.
خلاصة المقال
إنّ لباس الإحرام للمتمتع ليس مجرد زي، بل هو شعار عبودية وتواضع، يجرد الإنسان من مظهر الدنيا، ويوحد صفوف الحجاج في لباس واحد ومقصد واحد. ومن المهم أن يعرف المتمتع متى يرتدي الإحرام ومتى يخلعه، وما يجب عليه بعد ارتدائه.
فالإحرام شعيرة عظيمة، تُظهر مدى الانضباط والنية الصادقة في طاعة الله، ولا يُستكمل الحج والعمرة إلا بها.